الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

مدلول علم الأنسجة البشرية ودوره في الطب الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم


مدلول علم الأنسجة البشرية ودوره في الطب الإسلامي
الدكتور/ عبد الباري بنير
المملكة العربية السعودية
كان فرانسيس. جالتون ول Francis Galton(2 88 1) أول من اكتشف أن هناك أنماطاً للأشكال المختلفة التي تتخذها أنسجة جلد الإنسان وأن هذه الأنماط تنتقل بالوراثة. ولقد حاول جالتون الاستفادة من هذا الأكتشاف وكان جالتون أيضاً هو أول من صنف أنماط خطوط البشرة وتعرجاتها تصنيفاً علمياً إلى أنماط الكف وأطراف الأصابع، الخ... وذلك في كتابة الشهير عن بصمات الأصابع Finger orints
وقبل جالتون بكثير، أشار القرآن الكريم إلى بصمات الأصابع، وكما نجد في قول الله تعالى ] بلى قادرين على
أن نسوي بنانه [ (75/ 4). والدراسات الحديثة عن وراثة الأنماط المختلفة لخطوط البشرة وتعرجاتها في أطراف الأصابع وكف اليد وكعب القدم وأهمها تلك التي أجرها بنير(978 1- 979 1- 1980أ- 0 98 1ب- 0 98 1.جـ ) قد توصلت إلى عدد من جينات العصبيات الوراثية chromosomal genesتتحكم في تكوين شكل النمط وتكراره. ولم تتمكن هذه الدراسات من تحديد ما إذا كانت هناك عوامل داخلية لا تتعلق بالعصبيات الوراثية، مثل الأكتوبلازم Ocytoplasm تلعب هي الأخرى دوراً في تحديد شكل النمط .


ولقد تطور علم بصمات الأصابع من حيث دراسة العوامل الوراثية حتى أصبح فناً في التشخيص، الطبي للكشف عن أي اضطرابات نمائية وعصبية وتفسير الناحية الكمية لتوريث أنماط الأنسجة البشرية في الأصحاء .


وما زلنا نجهل الكيفية التي تتم بها وراثة الأشكال التي تتكون على بشرة الأصابع والأكف والكعوب وأصابع الأقدام.
ولكن تم في العشرين سنة الماضية إحراز تقدم في معرفتنا عن العوامل الوراثية المسئولة عن نواحي أخرى تتعلق بالبشرة. ولقد حدث ذلك التقدم بسبب الدراسات الكمية عن السمات، خاصة في الأسر ثم جاءت، بعدها دراسات لمقارنة البصمات الجلدية الخاصة بأشخاص من ذوي الانحرافات العصبية بالبصمات الخاصة بذويهم ثم مقارنة ذلك ببصمات جماعات ضابطة. وخلال السنوات القليلة الماضية تزايد الاهتمام بعلم الأنسجة البشرية بسبب تزايد الأبحاث الأساسية عن بصمات الأصابع والمظاهر المرتبطة بها عن بصمات الأكف والكعوب. وبدأ هذا الموضوع يلعب دوراً متعاظم الأهمية في علم الوراثة نظراً إلى قيمته في دراسة الانحرافات العصبية.


ولليد قيمة كبير ة في تشخيص المرض بالنسبة للطبيب ولكن هذه القيمة قد تعزرت الآن بفضل علم الأنسجة البشرية وتطبيقاته في النواحي العلاجية. ويقاس مدى التشابه بين التوائم عن طريق مقارنة بصمات، الأصابع وعدد الخطوط والتعرجات ، النمط الذي تتخذه البشرة وتكشف أيدي الأطفال حديثي الولادة عن أي نواحي شاذة قد تكون كامنة في الجهاز العصبي، كما تكشف أيدي الأطفال عن أي أنماط مميزة للانحرافات العصبية والتشوهات الخلقية حيث إن العوامل التي تحدد نمو الأيادي والأقدام في وقت تكوين خطوط البشرة تنتج خللاً في شكل الأنسجة البشرية وتنقسم الأنماط الجلدية إلى ثلاث مجموعات تمثل الأنواع الرئيسية بالرغم من تنوعها الشديد. ولكن مجموعات الأنماط وتكررها أهم من أنواع هذه الأنماط ويمكن حدوث تشوهات جوهرية في النمط الجلدي مرتبطة بتشوهات الأطراف سواء كان ذلك وراثياً أو غير وراثي. والتجعدات عند أماكن الثني وكذلك القلب والرأس وخطوط الكف ليست هي التضاريس الجلدية ولكنها تتشكل في نفس الوقت خلال الشهر الثالث من عمر الجنين وتؤثر على شكل، التضاريس الجلدية. ومن الواضح أن التجعدات في أماكن الثنيات قد تتحدد بنفس المؤثرات التي تحدد مسار خطوط الأنسجة البشرية .


مميزات التضاريس الجلدية :
لتضاريس الجلدية مميزات واضحة تجعلها ذات أهمية ليس من حيث التعرف على الشخصية فحسب ولكن من حيث بيولوجية الإنسان أيضاً .
ا- على عكس معظم السمات الإنسانية، لا تتأثر خطوط الأنسجة البشرية والأشكال التي، تتخذها بنمو الإنسان وتقدمه في العمر.
2- ولا دخل للبيئة التي يعيش فيها الإنسان بعد ولادته في تكوين شكل هذه الخطوط .
3- تنوع أشكال هذه الخطوط في تفاصيل تركيباتها بين الأفراد تنوعاً شديداً .
4- بالرغم من أن الأنماط التي تشكلها هذه الخطوط تختلف من حيث الحجم والشكل والتفاصيل الدقيقة إلا أنه يمكن تصنيفها إلى عدة أنواع رئيسية.
ويتم الشكل الخاص لتضاريس الجلد أثناء الشهرين الثالث والرابع من حياة الجنين. وتبدأ المرحلة الأولى لهذا التشكل عندما يبلغ طول يد الجنين 3.5 ملليمتر وتكتمل عندما يبلغ طولها حوالي 6ر15ملليمتر. وبعدها لا يبدو هناك أي تغيير في شكل البشرة أثناء نمو الجنين داخل الرحم. أما التضاريس الثانوية التي قد تحدث أحياناً فلا تتشكل إلا في الشهرين الخامس والسادس من حياة الجنين. أما الحلمات الجلدية الصغيرة papilae فتنمو خلال الشهر السابع قبل ميلاد الطفل وفي ذلك الوقت يكتمل شكل الطبقة الخارجية لبشرة الجنين من جميع النواحي.
ومنذ لحظة الميلاد وطول حياة الإنسان وحتى تحلل البشرة بعد الممات لا يحدث أي تغيير في شكل الجلد سواء من ناحية التفاصيل الدقيقة لخطوطه أو من ناحية النمط العام لشكل هذه الخطوط والثنيات. والتغيير الوحيد الذي يمكن أن يحدث هو في الحجم فقط حيث تتمدد الخطوط مع نمو الأيدي والأقدام. والعوامل البيئية تحدث تأثيرها داخل الرحم فقط أثناء فترة تشكيل التضاريس الجلدية. أما الندبات التي تنجم عن الإصابات فهي تتشكل في أي وقت ولكن يسهل التعرف عليها .

وبما أن شكل خطوط الأنسجة البشرية يتحدد في بدء حياة الجنين فإن هذه الخطوط تسجل أي اضطرابات قد تحدث أثناء نموه في ذلك الوقت ولقد أصبح من الثابت الآن أن هذه الاضطرابات تعدل من شكل الطبقة الجلدية. وتعتبرأنماط خطوط الكف بصنة خاصة من المؤشرات الهامة جدأ لأي اتجاهات في النمو تخرج عن المألوف. وو، الحالات التي توجد فيها انحرافات علأكل!مبية يظهر خلل واضح على الشكل الذي تتخذه تضاريس البشرة.
طرق تسجيل شكل الأنسجة البشرية:


توجد عدة طرق لتسجيل شكل الأنسجة البشرية. وتختلف هذه الطرق باختلاف المعدات التي تتطلبها والوقت اللازم لها والخبرة المطلوبة للقيام بها ونوعية الصور التي يمكن الحصول عليها.



ويمكن للعين المجردة التعرف على أنماط خطوط الأنسجة. إلا أن عدسة مكبرة مع ضوء مسلط كتلك التي يستعملها أطباء الأذن otoscope تساعد كثيراً على فحص هذه الخطوط خاصة في حالة الرضع والأطفال الصغار حيث تكون خطوط بشرتهم غاية في الدقة. ومجرد إمعان النظر في هذه الخطوط يكفي لإعطاء الفاحص معلومات تفي بمعظم الأغراض الطبية لتي يتم الفحص من أجلها. ولكن الحصول على صور مطبوعة بصفة مستمرة ضروري من أجل التحلليل الكمي لشكل الأنسجة .
أ- الطرق الماس المعرفة :

جرى تصميم الطرق التي سيأتي وصفها في هذا الجزء من البحث بغرض الحصول على صور مطبوعة للتضاريس الجلدية من أجل تحليل شكل الأنسجة وخطوطها. وهذه الطرق تتميز بسهولة الاستعمال والسرعة وقلة التكلفة. إلا أنها تختلف بعض الشيء من حيث نوعية الصور التي يمكن الحصول عليها. وللباحث أن يختار من بين طرق الطباعة الآتي ذكرها ما يناسب النواحي المعينة التي يفضلها : -
أ- الوسائل التي يستعمل فيها الحبر.
2- الوسائل التي لا يستعمل فيها الحبر.
3- طريقة الشريط اللاصق الشفاف.
4- الطريقة الفوتوغرافية.


ب- الطرق الخاصة :

الطرق الآي بيانها ليست واسعة الانتشار للحصول على صور لشكل الجلد. ومع ذلك فهـي توفر بعض الميزات لا توفرها الطرق المعتادة. فهي مثلاً تسمح بدراسة عامل الارتباط بين أنماط الطبقة الخارجية للجلد وبين ما تحتها من تكوينات العظام ( التصوير الجلدي بالأشعة Radio dermatography ودراسة المسام التي تفرز العرق hydrophotography وكذلك دراسة الشكل الخاص لمناطق معينة من تضاريس البشرة (، طريقة القالب البلاستيكي) plastic mod method
والطرق الآتية: إذن قد تفيد الفاحص الذي يهتم بمظاهر خاصة في تضاريس البشرة.

ا- التصوير المائي. Hydrophotography
2- التصوير الجلدي بالأشعة. Radiodermatography
3- القوالب البلاستيكية. Plastic molds
4 ـ التعرف الآلي على الأنماط Automatic pattern Recognition
5- طريقة ماجنا برش في أبحاث الأنسجة البشرية.
Magna Brush Technique in Dermotoglyphic Research
تطبيقات، بيانات علم الأنسجة البشرية:
يقدم علم الأنسجة البشرية ميزتين تعينان على تشخيص الاضطرابات المرضية :


ا- يتكون شكل الطبقة الخارجية للجلد على اليد وكعب القدم ويكتمل نموه عند الميلاد ويبقى بعد ذلك بدون تغيير مدى الحياة .
2- فحص أنماط خطوط الأنسجة والحصول على صور لها يتم بسرعة وبأقل التكاليف وبدون أي متاعب.
لقد ازدادت معلوماتنا في السنوات الأخيرة عن العوامل الوراثية المؤثرة علي شكل الأنسجة البشرية. ولكن بالرغم من هذا التقدم فلا تزال هناك مشاكل تنتظر الحلول المناسبة. ويتعلق بعض هذه المشاكل بتحديد أماكن الجينات على العصبيات الوراثية.
ويمكن تحديد هذه الأماكن بطريقتين:
1- دراسات الترابط الإسهامي: العلاقة بين الجينات التي تجعلها تعبر عن نفسها معاً في الوراثة.
2- تحليل الصور الجلدية الخاصة بمرضى يعانون من انحرافات عصبية مع تحليل الصور الجلدية لأقرب أقربائهم.

إن الاهتمام المتزايد بأشكال الطبقة الخارجية للجلد عن طريق فحص تضاريس البشرة يبشر بتوفير وسيلة بسيطة وغير مكلفة لتحديد ما إذا كان أحد المرضى يتميز بتكرار نمط معين من أنماط عصيباته الوراثية .
ويمكن التوصل إلى نتائج محددة عن أي تضاريس جلدية غير طبيعية عند مجموعات من المرضى. ولقد تبين وجود تشكيلات غير مألوفة في خطوط أنسجة المرضى الذين يعانون من عيوب في عصيباتهم الوراثية كـي وجدت هذه التشكيلات الغريبة في مرضى يعانون من اضطرابات في جينات معينة. وكذلك عند هؤلاء الذين لا يعرف الأساس الوراثي لاضطراب جيناتهم بشكل واضح.

منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق