الأحد، 6 يناير 2013

نجوم ودخان وغبار

هذه صور رائعة للنجوم والدخان الكوني... لم يتم التقاطها وتحليل ما فيها إلا حديثاً جداً، ولكن هل تتوقعون أن القرآن قد تحدث بدقة مذهلة عنها؟ لنقرأ....


يقول تبارك وتعالى: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [غافر: 57]... ويقول في حق سيدنا إبراهيم عليه السلام: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) [الأنعام: 75] فتأمل الكون هو الطريق لزيادة اليقين، ولذلك قال تعالى: (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ).
ويقول الله تعالى مخاطباً الناس: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) [يونس: 101]... واستجابة منا لنداء الحق عز وجل، وهذا النداء موجه لنا نحن المؤمنين قبل الملحدين، فإننا نتأمل بعض الصور التي التقطتها وكالة الفضاء الأمريكية حديثاً لنجوم وغبار ودخان... ونتأمل كيف تحدث القرآن عنها، عسى أن يكون ذلك وسيلة نقوّي بها إيماننا ونزداد يقيناً بالخالق عز وجل.
 
دخان كوني متوهج حار جداً يحيط بالنجم WR124 التقطت هذه الصورة عام 1997 هذا الدخان يُقذف بسرعة 161 ألف كيلو متر في الساعة ويغطي مساحة تقدر بأكثر من 161 ألف مليون كيلو متر. هذا الدخان منتشر بغزارة في الكون ويقول العلماء إنه تشكل قبل ملايين السنين، وهذا ما نجد له صدى في قول الحق جل وعلا عندما حدثنا عن مرحلة من مراحل خلق الكون فقال: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 11].
 
تجمع رائع للنجوم وهي تزين السماء يبعد عنا بحدود 25000 سنة ضوئية، ولكن هذا التجمع يقع بالقرب من مركز مجرتنا Milky Way ، ويقول العلماء إن هذا العنقود من النجوم سوف يتمزق بعد مدة من الزمن ويتشتت ويتبعثر! وهذه نهاية لا مفرَّ منها كما يؤكد العلماء... طبعاً يا إخوتي القرآن تحدث عن هذه النهاية للنجوم فقال: (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) [المرسلات: 8]. وقال أيضاً: (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) [التكوير: 2].
 
رسم يمثل أحد النجوم النيوترونية المتوهجة (النجم الطارق) والذي يبعد عنا بحدود 50000 سنة ضوئية، يقول العلماء إن هذا التوهج حدث عام 2004 وبث كمية هائلة من أشعة غاما قادرة على اختراق أي شيء لدرجة أنه أعمى المراصد الفلكية في الفضاء ويقولون:
It temporarily blinded all the x-ray satellites in space…
هذا النجم يبث موجات ثاقبة لأي شيء، حتى إنها تخترق الكرة الأرضية بالكامل! وهنا نتذكر (النجم الثاقب) الذي أقسم الله به فقال: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ) [الطارق: 1-3]. وهذا إعجاز علمي، فمن أخبر النبي الكريم بوجود نجوم ثاقبة في السماء؟
 
صورة لغبار كوني يبعد عنا 400 سنة ضوئية ويقول العلماء إنه تشكل قبل مئة مليون سنة، ويحوي آلاف النجوم. يقول العلماء إن كل ما نراه من حولنا تشكل من الغبار الكوني، بما فيه أرضنا ونحن البشر!! وربما نتذكر أن الله أخبر بأنه خلق الإنسان من تراب فقال: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) [الروم: 20] سبحان الله!
 
سديم عين القط، أو الوردة، وهو عبارة عن سحابة متوهجة ومعقدة جداً من الدخان الكوني الملتهب، وهو صورة من الصور الجميلة والمرعبة في السماء، وكما رأينا فإن القرآن تحدث عن الوردة وأن شكل السماء سيكون يوم القيامة شبيهاً بهذا السديم، الذي يمثل انفجار النجوم ونهايتها وكذلك نهاية السماء!
 
سديم النسر Eagle Nebula وهو عبارة عن غاز وغبار يبعد عنا 6500 سنة ضوئية... والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة كاملة (بسرعة 300000 كيلو متر في الثانية).. هذه هي بيئة تشكل النجوم الجديدة (تتشكل داخل الدخان)، وربما نعجب إذا علمنا أن القرآن ربط بين تشكل النجوم وبين الدخان الكوني!
يقول تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) [فصلت: 11]، ثم يقول بعد ذلك: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 12] فانظروا معي إلى هذا التسلسل في الخلق، ذكر الدخان أولاً ثم ذكر النجوم ثانياً، وهذا التسلسل مطابق مئة بالمئة لما يعتقده العلماء اليوم، ألا تدعونا هذه الحقيقة لأن نقول: سبحان الله!
 
صورة حقيقية لسديم الوردة يبعد 5000 سنة ضوئية وقد سمى العلماء هذا السديم بالوردة Rose لأنهم كما يقولون:
This nebula is named for its rosebud-like shape when seen using only optical light.
أي أن شكل هذا السديم يشبه الوردة عندما ننظر إليه من خلال الضوء العادي. وهنا ربما نتذكر أن القرآن العظيم قد أطلق هذا التعبير عن السماء، ولكن عن حدث عظيم عندما تنشق السماء وتتمزق وهذا سيحدث يوم القيامة، وستظهر بألوان تشبه الوردة المدهنة تظهر بألوان زاهية، يقول تعالى: (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن: 37-38].
طبعاً هذه صورة مصغرة عن أحداث يوم القيامة، ليدلنا الخالق عز وجل على صدق كلامه، ولذلك ينبغي على كل عاقل ألا يكذب هذه الآية لأنها بالفعل تصور لنا منظراً رائعاً يشبه الوردة، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرآن، من أين جاء بهذا التعبير (وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) الذي لم يتم إطلاقه إلا في القرن العشرين؟!
وأخيراً يا أحبتي...
هذه مجموعة من الصور الكونية وجدتها على موقع ناشيونال جيوغرافيك منذ زمن قصير، وهم وضعوا هذه الصور بسبب أهميتها وتميزها، ولكن وكما رأينا فإن كل الحقائق العلمية المرتبطة بهذه الصور ذكرها القرآن قبل أربعة عشر قرناً! ماذا يدل ذلك؟
إنه يدل على أن الله تعالى أودع في كتابه معجزات لتثبت لكل مشكك صدق رسالة الإسلام، ولا يمكن ومهما بحثنا أن نجد في أي كتاب على وجه الأرض حديثاً واضحاً عن مثل هذه الحقائق الكونية... وهذا يدل أيضاً على أن الكتاب الوحيد الذي حفظه الله من التحريف هو القرآن الكريم. ولذلك فإن هذه الصور تشهد على أن القرآن كتاب الله وهو القائل: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان: 6]، فالذي أنزل هذه الآيات هو الذي يعلم أسرار السموات والأرض، سبحانه وتعالى.
ــــــــــــ
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

كائنات شفافة... سبحان الله!

دعونا نتأمل بعض المخلوقات الشفافة العجيبة التي خلقها الله تعالى، وسخر لها وسائل لحمايتها ورزقها....


يقول تبارك وتعالى مخاطباً أولئك الملحدين الذين يدّعون أن الكون وُجد بالمصادفة: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [لقمان: 11]... المؤمن بحاجة دائمة لتأمل مخلوقات الله تعالى ليزداد إيماناً ويقيناً بهذا الخالق العظيم... كيف خلق هذه المخلوقات وسخر لها أسباب الرزق  والبقاء... واليوم نعيش مع هذه المخلوقات الشفافة لنسبح الله تعالى ونقول: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62].
فقد جعل الله لبعض المخلوقات أجزاء شفافة وسخر لها ذلك ليعينها على كسب رزقها ودحر أعدائها... لنتأمل:
فراشة بجناحين شفافين، إننا نرى من خلال جناح الفراشة بوضوح وهذا يساعدها على إخافة أعدائها لأن هذا الشكل الغريب غير مألوف في عالم الحيوان، وبالتالي فقد زودها الله بهذا الشكل العجيب لتحمي نفسها... فسبحان الله!
سمكة شفافة الرأس ... سبحان الخالق العظيم! تظهر أجزاء من دماغها وهي بالفعل سمكة مخيفة لأعدائها، فقد سخر الله لها هذه الشفافية كوسيلة للحماية من دون حول أو قوة لها... هذا الخالق العظيم: أيعجز أن يدفع الشر والأذى عن مؤمن يقول: لا إله إلا الله؟!
وهنا نرى ضفدعاً شفافاً وجميلاً، إنه أحد مخلوقات الله تعالى التي نرى من خلالها عظمة الخالق عز وجل.
الحبار البحري الشفاف يبرق بعينيه ويشق طريقه في ظلمات البحر بحثاً عن فريسة يقتات عليها. تصوروا أن الله تعالى لم ينسَ هذا المخلوق من فضله فهيَّأ له أسباب الرزق والمعيشة!
قنديل البحر (رئة البحر) زوده الله بمجسات حساسة جداً يرى بها طريقه ويدرك بها فريسته.
سمكة بحرية صغيرة (عمرها أيام فقط) وبسبب عدم وجود أي قوة لهذه السمكة الضعيفة، فإن الله تعالى لم ينسها وزودها بميزة "الشفافية" لتكون هذه الميزة وسيلة للدفاع عن نفسها... سبحان الله!
حيوان الحبار البحري يتوهج باللون الأحمر والأرجواني، يوجد أكثر من 300 نوعاً مختلفاً من هذا الحيوان تعيش في البحار.
حلزون بحري شفاف لديه القدرة على أن يأخذ أشكالاً متعددة، وفي هذه الصورة يأخذ شكل "قلب".
سمكة شفافة تدعى cowfish زودها الله بالقدرة على التألق.
أحد الحيوانات البحرية ملأ معدته بالطحالب الخضراء التي نراها واضحة من خلال هذه الصورة.
وهذا حيوان بحري آخر لديه القدرة على بث الضوء المتوهج بألوان زاهية، وهذا يساعده على إخافة أعدائه وحماية نفسه من المخاطر.
ونقول "سبحان الله" الذي خلق كل شيء وقال: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) [الفرقان: 2].
ــــــــــــ
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

فنّ التمويه الذكي عند اليعسوب

أظهر العلماء دهشتهم أمام هذه الحشرة العجيبة التي تتخفى بشكل ذكي أثناء حركتها لتخدع الفريسة....
في بحث نشرته مجلة "الطبيعة" العلمية، يقول العلماء إن ذكور اليعسوب برعت في فنّ التمويه أثناء تحركها. ويؤكد البروفسور "ايكيكو ميزوتاني" من الجامعة الأسترالية الوطنية أن تطبيق هذا الأسلوب المعقد من قبل أقدم كائن مفترس قادر على الطيران يخدع شبكية عين الضحية بحيث ترى صيادها ساكناً على الرغم من أنه يندفع بسرعة كبيرة لملاحقتها!!
 
تتميز حشرة اليعسوب بتصميم خارق للجناحين والجسم بحث يكون لديها حرية كبيرة في المناورة والطيران وسلوك طريق محددة، وتأمين مراقبة الفريسة والانقضاض عليها.
تحقّق حشرات اليعسوب هذا التمويه الحركي بتعديل مكانها بحيث تحتل دائماً ذات البقعة في شبكية عين ضحيتها فتبدو ساكنة بينما هي تتحرك في واقع الأمر. ويؤكد العلماء أن هذا الأسلوب غريب جداً حيث إنه يتطلب عمليات معقدة جداً!
 
يمارس اليعسوب حركة سريعة جداً ومعقدة وغير مرئية بالنسبة للفريسة، وينقض عليها انقضاضاً.
استخدم العالم "ميزوتاني" وفريقه أجهزة تصوير يمكنها تحديد موقع أي جسم في شكل ثلاثي الأبعاد لتسجيل حركة اليعسوب. وتبين لهم بعد دراسة طويلة أن هذه الحشرة لديها خطط ذكية قادرة على تنسيق حركة أجنحتها وموضع جسدها أثناء الطيران بشكل يجعل الفريسة تظن أن اليعسوب ثابت ولن يهاجمها!
 
لولا هذا الأسلوب الذكي في التمويه والتخفي، لما تمكنت هذه الحشرة من اصطياد الحشرات الأصغر وماتت جوعاً، ولكن الله تعالى لم ينسَ أحداً من مخلوقاته، فهيَّأ لها سبلاً للعيش واستمرار الحياة، هذا الإله العظيم: هل يعجز عن تأمين الرزق لمؤمن يقول: يا رب!!
تتضمن الخدعة تحكماً دقيقاً جداً في الطيران واستشعار المواقع. ويقول العلماء إن دماغ اليعسوب صغير جداً نسبة إلى حجم العمليات الحسابية التي يقوم بها لإظهار نفسه وكأنه ثابت أمام عين الفريسة، مع أنه يتحرك حركة سريعة وفي الاتجاهات الثلاثة.
 
هذه الحشرات الذكية لها أعين كبيرة جداً وتغطي معظم الرأس، ولولا هذا التصميم الخارق لما أمكن لهذه الحشرة تأمين رزقها ورزق ذريتها ولانقرضت منذ ملايين السنين!
 
لقد استوحى الإنسان معظم اختراعاته من عالم الطبيعة من حوله، والحقيقة اختراع الطائرة لم يكن سوى محاكاة للطيور، واختراع الطائرات الحربية لم يكن سوى محاكاة للحشرات. ولكن هذه الحشرة تعمل بكفاءة أعلى بكثير من أحدث طائرة تم اختراعها حتى الآن!
يقول العلماء إنهم ليسوا متأكدين بعد من كيفية تمكّن حشرات اليعسوب من أداء هذه الخدعة. فلا يمكن لهذه الحشرة أن تتعلم مثل هذه التقنيات بمفردها أو من خلال المراقبة، إنما هناك برنامج ذكي موجود في مورثاتها داخل خلايا جسدها يرشدها للقيام بذلك.
 
انظروا معي إلى هذا التصميم الرائع والمعقد لأجنحة اليعسوب، إنها دقة فائقة يعجز البشر عن تقليدها، فإذا كان الملحدون – على الرغم من تطورهم العلمي وذكائهم - عاجزين عن تفسير أو فهم آلية عمل هذه الحشرة وكيف تشكلت أجنحتها وكيف تقوم بعملها... فكيف يدّعون أنها وُجدت من دون خالق عليم حكيم؟
ونقول يا أحبتي: ألا تدعونا مثل هذه الظاهرة للتفكر في خلق الله تعالى؟ إلا نأخذ درساً من هذه الحشرة لندرك ضعف معلوماتنا وقدراتنا أمامها؟ ألا نرى دليلاً على عظمة الخالق تبارك وتعالى وقدرته في خلقه؟ وسبحان الله! نجد من يقول إن هذه الحشرة وُجدت بالمصادفة وتعلمت بالمصادفة وتطورت بالمصادفة... وينسون أن الله تعالى هو القائل: (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16]، لذلك لا نملك إلا أن نقول كما قال تعالى: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [لقمان: 11].
ــــــــــــ
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

الثلاثاء، 1 يناير 2013

(الأحـــاديث العـلــميـــة)" إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض : الحديد والنار والماء والملح "

بقلم : د زغلول النجار

  " إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض : الحديد والنار والماء والملح "أخرج الديلمي في "الفردوس", والسَيُوطِي في "جمع الجوامع", وابن كثير في "الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف", والعجلوني في "كشف الخفاء" ، كما روى القرطبيّ في تفسيره حديثاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فيه : " إن الله أنزل أربعَ بركاتٍ من السَّماء إلى الأرض : الحديد والنار والماء والملح " .
على الرّغم من وجود ضعفٍ في إسناد الحديث ، إلاَّ أنَّ به سّبْقَاً علمياً مُعْجِزًا , والذين سمعوا هذا الحديث الشريف فهموا إنزال كلٍ من النّار والماء والمِلْح من السَّماء إلى الأرض , ولكنّهم لم يستطيعوا في زمانهم استيعابَ فكرة إنزال الحديد من السماء إلى الأرض , على الرّغم من وجود إشارةٍ واضحةٍ إليها في كتاب الله حيث يقول (عز من قائل) :
" وَأَنزَلْنَا
الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ " (الحديد:25) .
وعلى ذلك فإنّ أغلب الذين تعرَّضوا لشرح كلٍ من هذه الآية القرآنية الكريمة , والحديث النبويّ الشريف فَسَّروا (الإنزال) بأنه استعارةٌ لِخَلْق وإيجاد عنصر الحديد .
ولكنْ في العقود المتأخِّرة من القرن العشرين اتَّجَه علماء الفَلَك والفيزياء الفلكيَّة إلى دراسة التركيب الكيميائيّ للجزء المُدْرَك من الكَوْن وأبسطها ، ففوجئوا بأنَّ العنصر الغالب فيه هو غاز الأيدروجين (أخفُّ العناصر, وأبسطها بناءً) الذي يُكَوِّن أكثرَ من 74% من مادة الكَوْن المَنْظُور, ويليه في الكثرة غاز الهيليوم (العنصر الثاني في الجدول الدوريّ للعناصر) والذي يُكَوِّن 24% من مادة الكون المَنْظُور ، وأنَّ باقي 105 عنصر تَعَرَّف عليها الإنسان والتي يُقَدَّر عددها اليوم بمائةٍ وخمسة عنصرٍ يُكَوِّنُون أَقَلَّ من 2% من مادة الكون المَنْظُور . هذه الملاحظة أَدَّت إلى الاستنتاج المنطقيّ أنَّ كافَّة العناصر المعروفة لنا قد خُلِقَت من غاز الأيدروجين بِتَكَثُّفِه على ذاته, واتِّحاد نوى ذراته مع بعضِها البعض . وبالنَّظر في الشَّمس ثَبَتَ أنَّ وقودها غاز الأيدروجين الذي تتحد نوى ذراته مع بعضِها البعض لتُكَوِّن نوى ذرات الهيليوم وتنطلق الطاقة الهائلة التي أَعْطَت لُبَّ الشمس حرارةً تُقَدَّر بحواليْ 15 مليون درجةٍ مئويةٍ ولسطحها ستة آلافِ درجةٍ مئويةٍ , ولألسنة اللهب المندفعة من داخلها حواليْ المليون درجة مئوية , وثبت أيضًا أنَّ عمليَّة الاندماج النووي في قلب الشمس لا تصل أبدًا إلى إنتاج أيَّة عناصرَ ثقيلةٍ فضلاً عن إنتاج الحديد , فلا يتكون في داخل الشمس بهذه العمليِّة سوى الهيليوم ، ونِسَبٌ ضئيلةٌ من العناصر القليلة التي تلي هذا الغاز في الجدول الدوريّ للعناصر . وهنا برز التَّسَاؤل : من أيْن جاءت الكميَّة الهائلة من حديد الأرض؟ والتي تفوق ثُلُثَ كتلة الأرض المُقَدَّرَة بحواليْ ستة آلاف مليون مليون مليون طنًا (أي : 6 x 10 18 طنًا من الحديد)؟ .
بالدراسة المُسْتَفِيضَة ثَبَتَ أنَّ النَُجوم تمرُّ بمراحلَ عدةٍ في تاريخ حياتها، منها مراحلٌ تتوهَّج فيها تَوَهُّجاً شديدًا ؛ فَتُعْرَف باسم : المستعرات والمستعرات العظمى , وإنَّ درجة حرارة لُبّ النُّجوم في تلك المرحلة تتعَدَّى عشراتِ البلايين من الدرجات المُطْلَقَة, وأنَّ لُبَّ هذه المستعرات والمستعرات العظمى هي الأماكن الوحيدة المعروفة لنا في صفحة الجزء المُدْرَك من الكَوْن ، التي تتم فيها عملية الاندماج النوويّ حَتَّى يتحولَ لُبُّ النَّجْم بالكامل إلى حديد, وبِتَحَوُّلِه إلى حديد يَسْتَهْلِك طاقة النَّجم بالكامل فينفجر وتتناثر أشلاؤُه في صفحة الكون, وبذلك يصل الحديد إلى عددٍ من أَجْرَام السَّماء من مثل كَوْكَب الأرض, تمامًا كما تَصِلُنَا نيازك الحديد اليوم . هذه الملاحظة الصحيحة قادت إلى التَصَوُّر الصحيح أنَّ الأرض عندَ انفصالِها عن الشَّمس (أو عن السحابة الكونية التي نشأت عنها مجموعتنا الشمسية) لم تكن سوى كَوْمَةٍ من الرَّماد ليس فيها عناصر أعلى من الألومنيوم والسيليكون, ثم رُجِمَت بِوَابِلٍ من النيازك الحديديَّة, والصَخريَّة, والحديديَّة الصخريَّة, التي تَحَرَّكَت بِحُكْم كثافتها الأعلى من كثافة الأرض الابتدائيَّة (كومة الرماد) ، فتَحَرَّكَت إلى مركز تلك الكَوْمَة حيثُ انصهرت بحرارة الاستقرار وصهرت كَوْمَة الرَّماد, ومَايَزَتْهَا إلى سَبْعِ أرضين: لُبٌّ صلبٌ (أغلبه من الحديد 90% , والنيكل 9% , وعناصرَ أخرى 1%), ولُبٌّ سائلٌ (له نفس التركيب الكيميائيّ) ثلاثة أوشحةٍ متتاليةٍ تتناقص فيها نسبة الحديد من الداخلِ إلى الخارجِ, ثُمَّ الجزء السفليّ من الغلاف الصخريّ للأرض, ويليه إلى الخارج الجزء العلويّ من الغلاف الصخريّ للأرض (قشرة الأرض وبها 5.6% حديد) .
بهذه الملاحظات ثَبَتَ أنَّ كُلَّ حديد الأرض قد أَنْزِلَ إليها إنزالاً حقيقيًا من السَّماء تَصْدِيقًا لَمَّا جاء في كتاب الله, وفي هذا الحديث الذي نحن بصدده من أقوال رسول - الله صلى الله عليه وسلم - . ولَوْلا حديد الأرض ما كان له هذا المجال المِغْنَاطِيسِي الذي يَمْسِك بغلافها الغازيّ والمائيّ, وبكافَّة صورة الحياة على سطحها, ولو لَمْ ينزلْ الحديد إلى الأرض من السَّماء ما كانت الحياة؛ لأنَّ الحديد يُشَكِّل جزءًا مهمًا من المادة الحمراء في دِمِ الإنسان, وفي دماء العديد من الحيوانات, ما يُشَكِّل جزءًا مهمًا كذلك من المادة الخضراء والتي بدونها ما كانت النباتات .
ويَعْجَبُ الإنسان من هذه الإشارة العلميَّة الدقيقة ... إنزال الحديد إلى الأرض من السَّماء في كُلٍ من كتاب الله, وفي هذا الحديث من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبل ألفٍ وأربعمائة سنة, وهي حقيقةٌ لم يتوصلْ إليها الإنسان إلا منذُ عشراتٍ قليلةٍ من السنين, وهي شهادة حقٍ على أنَّ القرآن الكريم هو كلام الله الخالق , وأنَّ هذا النبيَّ الخاتم - صلى الله عليه وسلم - , كان موصولاً بالوحي , ومُعَلَّمًا من قِبَلِ خالق السماوات والأرض " وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى . إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى "
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

(الأحـــاديث العـلــميـــة)العود الهندي والقسط البحري

بقلم : د زغلول النجار - 
في صحيح الإمام مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب وابن أبي عمر واللفظ لزهير قال يحيى أخبرنا و قال الآخرون حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن أخت عكاشة بن محصن قالت دخلت بابن لي على ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ لم يأكل الطعام فبال عليه، فدعا بماء فرشه. قالت: ودخلت عليه بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة فقال: " علامه تَدْغَرْنَ أولادكن بهذا العِلاق؟، عليكن بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب، يسعط من العذرة، ويلد من ذات الجنب ".سنن  أبي داود:حدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد أن ابن شهاب أخبره قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أم قيس بنت محصن، وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي أخت عكاشة بن محصن أحد بني أسد بن خزيمة قال: أخبرتني أنها أتت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بابن لها لم يبلغ أن يأكل الطعام، وقد أعلقت عليه من العذرة. قال يونس: أعلقت غمزت، فهي تخاف أن يكون به عذرة. قالت: فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " علامه تدغرن أولادكن بهذا الإعلاق؟، عليكم بهذا العود الهندي ـ يعني به الكست ـ فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب. قال عبيد الله وأخبرتني أن ابنها ذاك بال في حجر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدعا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بماء فنضحه على بوله ولم يغسله غسلاً ". سنن ابن ماجة:حدثنا مسدد وحامد بن يحيى قالا حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن قالت دخلت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة، فقال: " علام تدغرن أولادكن بهذا العِلاق ؟. عليكن بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية، منها ذات الجنب، يسعط من العذرة، ويلد من ذات الجنب "قال أبو داود يعني بالعود القسط.سنن ابن ماجة:حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن قالت دخلت بابن لي على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد أعلقت عليه من العذرة فقال: " علام تدغرن أولادكن بهذا العلاق ؟. عليكم بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية، يسعط به من العذرة، ويلد به من ذات الجنب ".حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري حدثنا عبد الله بن وهب أنبأنا يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أم قيس بنت محصن عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بنحوه قال يونس أعلقت يعني غمزت.سنن أبى داوود: حدثنا أبو طاهر أحمد بن عمرو بن السرح المصري حدثنا عبد الله بن وهب أنبأنا يونس وابن سمعان عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أم قيس بنت محصن قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " عليكم بالعود الهندي ـ يعني به الكست ـ فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب ". قال ابن سمعان في الحديث فإن فيه شفاء من سبعة أدواء منها ذات الجنب.في مسند  الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله عن أم قيس بنت محصن أخت عكاشة بن محصن قالت: دخلت بابن لي على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يأكل الطعام، فبال فدعا بماء فرشه، ودخلت بابن لي قد أعلقت عنه، وقال مرة عليه من العذرة فقال :" علام تدغرن أولادكن بهذا العلاق ؟. عليكم بهذا القسط "، وقال مرة سفيان: " العود الهندي، فإن به سبعة أشفية، منها ذات الجنب، يسعط من العذرة، ويلد من ذات الجنب ". في مسند الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أم قيس بنت محصن الأسدية أخت عكاشة قالت: جئت بابن لي قد أعلقت عنه أخاف أن يكون به العذرة، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " علام تدغرن أولادكن بهذه العلائق عليكن بهذا العود الهندي ـ قال يعني الكست ـ فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب "، ثم أخذ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صبيها فوضعه في حجره فبال عليه، فدعا بماء فنضحه، ولم يكن الصبي بلغ أن يأكل الطعام " .
قال الزهري: فمضت السنة بأن يرش بول الصبي ويغسل بول الجارية، قال الزهري: فيستسعط للعذرة، ويلد لذات الجنب. 
 في مسند الإمام أحمد : حدثنا عثمان بن عمر قال أخبرنا يونس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أم قيس بنت محصن إحدى بني أسد بن خزيمة، وكانت من المهاجرات الأول اللائي بايعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: فأخبرتني أنها أتت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بابن لها لم يبلغ أن يأكل الطعام، فذكر الحديث وقال: " علام تدغرن أولادكن ؟ ". قال حدثنا محمد بن جعفر وقال حدثنا معمر قال حدثنا الزهري عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود عن أم قيس بنت محصن أنها جاءت بابن لها وقد أعلقت عليه من العذرة، فقال لها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " علام تدغرن أولادكن بهذه العلق ؟. عليكن بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب " ، ثم أخذ الصبي، فبال عليه فدعا بماء فنضحه.قال ابن شهاب مضت السنة بذلك. في صحيح مسلم :حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر قالوا حدثنا إسمعيل يعنون ابن جعفر عن حميد قال: سئل أنس بن مالك عن كسب الحجام فقال: احتجم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حجمه أبو طيبة، فأمر له بصاعين من طعام وكلم أهله، فوضعوا عنه من خراجه، وقال: " إن أفضل ما تداويتم به الحجامة، أو هو من أمثل دوائكم ". حدثنا ابن أبي عمر حدثنا مروان ـ يعني الفزاري ـ عن حميد قال: سئل أنس عن كسب الحجام، فذكر بمثله غير أنه قال: " إن أفضل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري، ولا تعذبوا صبيانكم بالغمز ". في مسند الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " خير ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري، ولا تعذبوا صبيانكم بالغمز ".في مسند الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية وابن أبي غنية المعنى قالا حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: دخل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أم سلمة. قال ابن أبي غنية دخل على عائشة بصبي يسيل منخراه دماً. قال أبو معاوية في حديثه وعندها صبي يبعث منخراه دماً. قال فقال: " ما لهذا ؟ ". قال فقالوا: به العذرة. قال فقال: " علام تعذبن أولادكن ؟، إنما يكفي إحداكن أن تأخذ قسطاً هندياً فتحكه بماء سبع مرات، ثم توجره إياه ". قال ابن أبي غنية: " ثم تسعطه إياه " ففعلوا فبرأ.في مسند الإمام أحمد : حدثنا أبو داود أخبرنا شعبة عن خالد الحذاء قال: سمعت أبا عبد الله ميموناً يحدث عن زيد بن أرقم أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمرهم أن يتداووا من ذات الجنب بالعود الهندي والزيت. 
في مسند الإمام أحمد : حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا معاذ، حدثني أبي عن قتادة عن أبي عبد الله عن زيد بن أرقم قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينعت الزيت والورس من ذات الجنب. قال قتادة يلده من جانبه الذي يشتكيه.

إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

(الإعجاز العلمى)موقف المفسرين من الآيات الكونية في القرآن الكريم(2)

بقلم : د زغلول النجار -
حرص كثير من علماء المسلمين على ألا يتم تأويل الإشارات العلمية‏‏ الواردة في القرآن الكريم إلا في ضوء الحقائق العلمية المؤكدة من القوانين والقواعد الثابتة‏,‏ أما الفروض والنظريات فلا يجوز تخديمها في فهم ذلك، وحتى هذا الموقف نعتبره تحفظاً مبالغاً فيه‏,‏ فكما يختلف دارسو القرآن الكريم في فهم بعض الدلالات اللفظية‏,‏ والصور البيانية‏,‏ وغيرها من القضايا اللغوية ولا يجدون حرجاً في ذلك العمل الذي يقومون به في غيبة نص ثابت مأثور‏,‏ فإننا نرى أنه لا حرج على الإطلاق في فهم الإشارات الكونية الواردة بالقرآن الكريم على ضوء المعارف العلمية المتاحة‏,‏ حتى ولو لم تكن تلك المعارف قد ارتقت إلى مستوى الحقائق الثابتة؛‏ وذلك لأن التفسير يبقى جهداً بشرياً خالصاً ، بكل ما للبشر من صفات القصور‏,‏ والنقص‏,‏ وحدود القدرة‏,‏ ثم إن العلماء التجريبيين قد يجمعون على نظرية ما‏‏ لها من الشواهد ما يؤيدها‏,‏ وإن لم ترقَ بعدُ إلى مرتبة القاعدة أو القانون‏,‏ وقد لا يكون أمام العلماء من مخرج للوصول بها إلى ذلك المستوى أبدا‏ًً . ‏
 فمن أمور الكون العديدة مالا سبيل للعلماء التجريبيين من الوصول فيها إلى حقيقة أبدا‏ًً,‏ ولكن قد يتجمع لديهم من الشواهد مايمكن أن يعين على بلورة نظرية من النظريات‏,‏ ويبقى العلم التجريبي مسلماً بأنه لا يستطيع أن يتعدى تلك المرحلة في ذلك المجال بعينه أبداً‏ .‏ والأمثلة على ذلك كثيرة منها النظريات المفسرة لأصل الكون وأصل الحياة وأصل الإنسان‏,‏ وقد مرت بمراحل متعددة من الفروض العلمية حتى وصلت اليوم إلى عدد محدود من النظريات المقبولة ‏,‏ ولا يتخيل العلماء أنهم سيصلون في يوم من الأيام إلى أكثر من تفضيل لنظرية على أخرى‏ ,‏ أو تطوير لنظرية عن أخرى‏,‏ أو وضع لنظرية جديدة‏,‏ دون الإدعاء بالوصول إلى قانون قطعي‏,‏ أو قاعدة ثابتة لذلك‏,‏ فهذه مجالات إذا دخلها الإنسان بغير هداية ربانية فإنه يضل فيها ضلالاً بعيداً‏ .‏ وصدق الله العظيم إذ يقول‏:‏" مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً ‏ " (‏الكهف‏:51).
وذلك لأنه على الرغم من أن العلماء التجريبيين يستقرئون حقائق الكون بالمشاهدة والاستنتاج‏ ,‏ أو بالتجربة والملاحظة والاستنتاج‏ في عمليات قابلة للتكرار والإعادة‏ ,‏ إلا أن من أمور الكون مالا يمكن إخضاعه لذلك ،مثل قضايا الخلق‏ ـ خلق الكون‏,‏ وخلق الحياة، وخلق الانسان ‏ـ‏ وهي قضايا لا يمكن للإنسان أن يصل فيها إلى تصور صحيح أبداً بغير هداية ربانية‏,‏ ولولا الثبات في سنن الله التي تحكم الكون وما فيه ما تمكن الانسان من اكتشافها ‏,‏ ولا يظن عاقل أن البشر مطالبون بما هو فوق طاقاتهم ـ خاصة في فهم كتاب الله ـ الذي أنزل لهم‏,‏ ويُسِّر لتذكرهم لقول الحق ـ تبارك وتعالى‏ ـ : " وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ‏"(القمر‏:‏40,32,22,17)‏.
ففي الوقت الذي يقرر القرآن الكريم فيه أن الله لم يُشهد الناس خلق السموات والأرض، ولا خلق أنفسهم ‏,‏ نجده في آيات أخر يأمرهم بالنظر في كيفية بداية الخلق‏,‏ وهي من أصعب قضايا العلوم الكونية البحتة منها والتطبيقية قاطبة إذ يقول‏ ـ عز من قائل ـ ‏:" أَوَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (‏العنكبوت‏:20,19)‏.
مما يشير إلى أن بالأرض سجلاً حافلاً بالحقائق التي يمكن أن يُستدل بها على كيفية الخلق الأول‏,‏ وعلى امكانية النشأة الآخرة ‏.‏ والأمر في الآية من الله ـ تعالى ـ إلى رسوله الكريم ليدعُ الناس كافة إلى السير في الأرض‏,‏ واستخلاص العبرة من فهم كيفية الخلق الأول‏,‏ وهي قضية تقع من العلوم الكونية‏ ـ‏ البحتة والتطبيقية‏ ـ في الصميم‏ ,‏ إن لم تكن تشكل أصعب قضية علمية عالجها الانسان ‏.‏
وهذه القضايا ‏ـ‏ قضايا الخلق، وإفنائه، وإعادة خلقه ـ لها في كتاب الله وفي سنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ‏ـ‏ من الإشارات اللطيفة ما يمكن الإنسان المسلم من تفضيل نظرية من النظريات، أو فرض من الفروض، والارتقاء بها أو به إلى مقام الحقيقة لمجرد ورود ذكر لها أو له في كتاب الله أو في سنة رسوله‏ ـ‏ صلى الله عليه وسلم ـ ونكون بذلك قد انتصرنا بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة للعلم وليس العكس‏ .‏
وعلى ذلك فاني أرى جواز فهم الإشارات العلمية الواردة بالقرآن الكريم على أساس من الحقائق العلمية الثابتة أولا‏ًً ,‏ فان لم تتوافر فبالنظرية السائدة‏ ,‏ فإن لم تتوافر فبالفرض العلمي المنطقي المقبول‏ ,‏ حتى لو أدى التطور العلمي في المستقبل إلى تغيير تلك النظرية ‏,‏ أو ذلك الفرض، أو تطويرهما أو تعديلهما‏ ؛ لأن التفسير ـ كما سبق أن أشرت يبقى اجتهاداً بشرياً خالصاً من أجل حسن فهم دلالة الآية القرآنية إن أصاب فيه المرء فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد‏ ,‏ ويبقى هذا الاجتهاد ‏ قابلاً للزيادة والنقصان‏ ,‏ وللنقد والتعديل والتبديل .

الرد على القائلين بعدم جواز رؤية كلام الله في إطار محاولات البشر :
إن في كون القرآن الكريم بياناً من الله ـ تعالى ـ إلى الناس كافة ‏,‏ يفرض على المتخصصين من أبناء المسلمين أن يفهموه ـ كل في حقل تخصصه ـ على ضوء ما تجمع له من معارف بتوظيف مناهج الاستقراء الدقيقة‏ ,‏ فالقرآن نزل للناس ليفهموه وليتدبروا آياته‏ ،‏ ثم إن تأويل آيات الكونيات على ضوء من معطيات العلوم التجريبية لا يشكل احتجاجاً على القرآن بالمعارف المكتسبة‏ ,‏ ولا انتصاراً له بها‏ ,‏ فالقرآن ـ بالقطع ـ فوق ذلك كله ؛‏ ولأن التأويل على أساس من المعطيات العلمية الحديثة يبقى محاولة بشرية للفهم في اطار لم يكن متوفراً للناس من قبل ‏,‏ ولا يمكن أن تكون محاولات البشر لفهم القرآن الكريم حجة على كتاب الله‏ ,‏ سواء أصابت أم أخطأت تلك المحاولات‏ ,‏ وإلا لما حفل القرآن الكريم بهذا الحشد الهائل‏‏ من الآيات التي تحض على استخدام كل الحواس البشرية للنظر في مختلف جنبات الكون بمنهج علمي استقرائي دقيق‏ ؛‏ وذلك لأن الله ـ تعالى ـ قد جعل السنن الكونية على قدر من الثبات والاطراد يمكن حواس الإنسان المتأمل لها ‏,‏ المتفكر فيها ‏,‏ المتدبر لتفاصيلها من إدراك أسرارها ـ ‏على الرغم من حدود قدرات تلك الحواس‏ ـ‏ ويعين عقله على فهمها ـ‏ على الرغم من حدود قدرات ذلك العقل‏ ـ ‏ وربما كان هذا هو المقصود من آيات التسخير التي يزخر بها القرآن الكريم‏ ,‏ ويمن علينا ربنا ـ تبارك وتعالى ، وهو صاحب الفضل والمنة ـ بهذا التسخير الذي هو من أعظم نعمه علينا نحن العباد ‏.
ومن أروع ما يدركه الإنسان المتأمل في الكون كثرة الأدلة المادية الملموسة على كل حدث وقع في الكون صغر أم كبر‏ ,‏ أدلة مدونة في صفحة الكون وفي صخور الأرض بصورة يمكن لحواس الإنسان ولعقله إدراكها لو اتبع المنهج العلمي الاستقرائي الصحيح‏ ,‏ فما من انفجار حدث في صفحة الكون إلا وهو مدوَّن ‏,‏ وما من نجم توهج أو خمد إلا وله أثر ‏,‏ وما من هزة أرضية أو ثورة بركانية أو حركة بانية للجبال إلا وهي مسجلة في صخور القشرة الأرضية ‏,‏ وما من تغير في تركيب الغلاف الغازي أو المائي للأرض إلا وهو مدوَّن في صخور الأرض‏,‏ وما من تقدم للبحار أو انحسار لها ‏,‏ ولا تغير في المناخ إلا وهو مدون كذلك في صخور الأرض ‏,‏ وما من هبوط نيازك أو أشعة كونية على الأرض إلا وهو مسجل ‏‏ في صخورها ‏.‏ ومن هنا فإن الدعوة القرآنية للتأمل في الكون، واستخلاص سنن الله فيه، وتوظيف تلك السنن في عمارة الأرض، والقيام بواجب الاستخلاف فيها هي دعوة للناس في كل زمان ومكان ‏,‏ وهي دعوة لا تتوقف، ولا تتخلف، ولا تتعطل انطلاقاً من الحقيقة الواقعة أنه مهما اتسعت دائرة المعرفة الإنسانية، فإن القرآن الكريم يبقى ـ دوماً ـ مهيمناً عليها ‏,‏ محيطاً بها؛ لأنه كلام الله الخالق الذي أبدع هذا الكون بعلمه وقدرته وحكمته ‏,‏ والذي هو أدرى بصنعته من كل من هم سواه‏ .
وعلى ذلك فإن مقابلة كلام الله بمحاولة البشر لتفسيره وإثبات جوانب الإعجاز فيه لا تنتقص من جلال الربوبية الذي يتلألأ بين كلمات هذا البيان الرباني الخالص ‏,‏ وإنما تُزيد المؤمنين ثباتاً على إيمانهم‏ ,‏ وتُقيم الحجة على الجاحدين من الكفار والمشركين‏ ,‏ وحتى لو أخطأ المفسر في فهم دلالة أية من آيات القرآن الكريم، فإن هذا الخطأ يعد على المفسر نفسه ولا ينسحب على جلال كلام الله أبدا‏ًً ,‏ والذين فسروا باللغة أصابوا وأخطأوا‏ ,‏ وكذلك الذين فسروا بالتاريخ‏,‏ فليحاول العلماء التجريبيون تفسير الآيات الكونية بما تجمع لديهم من معارف؛ لأن تلك الآيات لا يمكن فهم دلالاتها فهماً كاملاً ‏,‏ ولا استقراء جوانب الإعجاز فيها في حدود أطرها اللغوية وحدها ‏.‏

الرد على المدعين بكفر الكتابات العلمية المعاصرة:
إن الاحتجاج بأن العلوم التجريبية ـ في ظل الحضارة المادية المعاصرة ـ تنطلق في معظمها من منطلقات مادية بحتة‏ ,‏ تنكر أو تتجاهل الغيب‏ ,‏ ولا تؤمن بالله ‏,‏ وأن للكثيرين من المشتغلين بالعلوم مواقف عدائية واضحة من قضية الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر‏ ,‏ فمردُّه بعيد عن طبيعة العلوم الكونية ‏,‏ وإنما يرجع ذلك إلى العقائد الفاسدة التي أفرزتها الحضارة المادية المعاصرة ‏,‏ والتي تحاول فرضها على كل استنتاج علمي كلي‏ ,‏ وعلى كل رؤية شاملة للكون والحياة ‏,‏ في وقت حققت فيه قفزات‏‏ هائلة في مجال العلوم الكونية البحتة منها والتطبيقية ‏,‏ بينما تخلَّف المسلمون في كل أمر من أمور الحياة بصفة عامة ‏,‏ وفي مجال العلوم والتقنية بصفة خاصة‏ ,‏ مما أدى إلى انتقال القيادة الفكرية في هذه المجالات على وجه الخصوص إلى أمم سبق للعلماء فيها أن عانوا معاناة شديدة من تسلط الكنيسة عليهم‏,‏ واضطهادها لهم ‏,‏ ورفضها للمنهج العلمي ولكل معطياته، ووقوفها حجر عثرة في وجه أي تقدم علمي‏ ,‏ كما حدث في أوروبا في أوائل عصر النهضة ‏،‏ فانطلق العلماء الغربيون من منطلق العداوة للكنيسة أولاً، ثم لقضية الإيمان بالتبعية‏ ,‏ وداروا بالعلوم الكونية ومعطياتها في إطارها المادي فقط‏ ,‏ وبرعوا في ذلك براعة ملحوظة‏ ,‏ ولكنهم ضلوا السبيل، وتنكبوه حينما حبسوا أنفسهم في إطار المادة‏ ,‏ ولم يتمكنوا من إدراك ما فوقها ‏,‏ أو منعوا أنفسهم من التفكير فيه‏ ,‏ فأصبحت الغالبية العظمى من العلوم تكتب من مفهوم مادي صرف‏ ,‏ وانتقلت عدوى ذلك إلى عالمنا المسلم أثناء مرحلة اللهث وراء اللحاق بالركب التي نعيشها، وما صاحب ذلك من مركبات الشعور بالنقص‏ ,‏ أو نتيجة لدس الأعداء‏ ,‏ وانبهار البلهاء بما حققته الحضارة المادية المعاصرة من انتصارات في مجال العلوم البحتة والتطبيقية ‏,‏ وما وصلت إليه من أسباب القوة والغلبة ‏,‏ وما حملته معها حركة الترجمة من غث وسمين‏,‏ فأصبحت العلوم تكتب اليوم في عالمنا المعاصر من نفس المنطلق؛ لأنها عادة ما تدرس وتكتب وتنشر بلغات أجنبية على نفس النمط الذي أرست قواعده الحضارة المادية ‏,‏ وحتى ما ينشر منها باللغة العربية ‏,‏ أو بغيرها من اللغات المحلية‏ ,‏ لا يكاد يخرج في مجموعه عن كونه ترجمة مباشرة أو غير مباشرة للفكر الغريب الوافد بكل ما فيه من تعارض واضح أحياناً مع نصوص الدين‏ .‏ وهنا تقتضي الأمانة إثبات أن ذلك الموقف غريب على العلم وحقائقه، ومن هنا أيضاً كان من واجب المسلمين إعادة التأصيل الإسلامي للمعارف العلمية، أي اعادة كتابة العلوم بل والمعارف المكتسبة كلها من منطلق إسلامي صحيح، خاصة أن المعطيات الكلية للعلوم البحتة والتطبيقية ـ بعد وصولها إلى قدر من التكامل في هذا العصر ـ أصبحت من أقوى الأدلة على وجود الله ، وعلى تفرده بالألوهية والربوبية، وبكامل الأسماء و‏الصفات‏ ,‏ وأنصع الشواهد على حقيقة الخلق وحتمية البعث وضرورة الحساب ، وأن العلوم الكونية كانت ـ ولا تزال ـ النافذة الرئيسية التي تتصل منها الحضارة المعاصرة بالفطرة الربانية، وأن المنهج العلمي ونجاحه في الكشف عن عدد من حقائق هذا الكون متوقف على اتساق تلك الفطرة واتصاف سننها بالاطراد والثبات ‏.‏
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

(الإعجاز العلمى) موقف المفسرين من الإشارات الكونية في القرآن الكريم


بقلم : د زغلول النجار
إن فهم الإشارات الكونية في كتاب الله‏ على ضوء ما تجمَّع للبشرية اليوم من معارف‏,‏ وتقديمها للعالم كواحد من الأدلة العديدة على أن القرآن الكريم هو كلام الله الذي أنزله بعلمه، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‏,‏ والذي حُفظ بحفظ الله‏‏ بنفس اللغة التي أوحي بها‏ بدقائق حروفه وكلماته وآياته وسوره‏‏ يعتبر فتحاً جديداً للاسلام‏,‏ وإنقاذاً للبشرية من الهاوية التي تتردى فيها اليوم بسبب تقدمها العلمي والتقني المذهل، وتضاؤل روح الإيمان بالله‏,‏ وانعدام الخشية من عذابه في نفوس القطاع الأكبر من الناس خاصة في أكثر المجتمعات البشرية المعاصرة أخذاً بأسباب التقدم العلمي والتقني‏,‏ فأغلب المجتمعات البشرية في الدول غير المسلمة تعاني اليوم من انفراط عقد الأسرة‏,‏ والتقنين للممارسات الجنسية بدون أدنى رباط‏,‏ فكثر حمل المراهقات‏,‏ وأبناء الزنا‏,‏ والأسر ذات العائل الواحد‏,‏ وتفشت الأمراض والأوباء والعلل مما لم يكن معروفاً من قبل‏,‏ وقننت الحكومات والتشريعات للعلاقات الشاذة‏,‏ وصرحت بتبني الأطفال، وتنشئتهم في وسط الشواذ‏,‏ وهي عملية مدمرة للفطرة الانسانية، فكثرت الأزمات النفسية وأمراضها‏,‏ وتضاعفت معدلات كلٍ من الإدمان والجريمة والانتحار‏,‏ ومُلئت أكثر المجتمعات البشرية ثراءاً وتطوراً مادياً بأخطر مشاكل المجتمعات الانسانية على الإطلاق ‏. ومن هؤلاء الذين لايعرفون لهم أبا‏ًً,‏ والذين خرجوا إلى الحياة بطرق غير مشروعة‏,‏ ونشئوا في بيئات فاسدة، وبين سلوكيات منحطة وضيعة من يمكن أن يصل إلى مقام السلطة في دول تملك من تقنيات ووسائل الغلبة المادية‏,‏ من مختلف أسلحة الدمار الشامل ما يعينه على البطش بالخلق‏ ,‏ وإفشاء الظلم‏ ,‏ وتدمير الحياة على سطح الأرض ‏,‏ وإفساد بيئاتها والقضاء على مختلف صور الحياة فيها ‏,‏ ولا يجد من دين أو خلق أو منطق أي رادع يمكن أن يرده عن ذلك ‏.وأغلب وسائل الإعلام في العالم قد وقعت اليوم في أيدي اليهود‏,‏ في مؤامرة خسيسة على الانسانية ـ واليهود هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا بصفة خاصة، وللانسان غير اليهودي بصفة عامة ـ فوظفوا كافة تلك الوسائل الاعلامية في تدمير البقية الباقية من عقائد، وأخلاقيات، وسلوكيات المجتمعات الانسانية‏,‏ وفي تشويه صورة الإسلام في أذهان الناس‏؛ وذلك لأن مما يسوءهم أن يروا الاسلام ينتشر في مجتمعاتهم المريضة في الوقت الذي يتصورون فيه أنهم قد أحاطوا بالإسلام والمسلمين إحاطة كاملة ‏.‏
 ويقبل على الاسلام في الغرب والشرق قمم الفكر والعلم والرأي؛ لأنهم يرون فيه المخرج الوحيد من الوحل النتن الذي غاصت فيه مجتمعاتهم، والذي يعيشون فيه إلى أذقانهم في غالبيتهم الساحقة‏,‏ ووسيلتنا في تحسين صورة الإسلام في العالم هي حسن الدعوة إليه بالكلمة الطيبة‏,‏ والحجة الواضحة‏ ,‏ والمنطق السوي‏ ،‏ وخير ما نقدمه في ذلك المضمار مما يتناسب مع طبيعة العصر ولغته هو الاعجاز العلمي للقرآن الكريم‏؛ لأننا نعيش في زمن أدار غالبية الناس ظهورهم فيه للدين‏,‏ ولم تعد قضايا الغيب المطلق من بعث بعد الموت‏ ,‏ وعرض أكبر أمام الله الخالق‏,‏ وخلود في حياة قادمة ‏ـ إما في الجنة أبداً‏ ,‏ أو في النار أبداً ـ وغيرها من قضايا الدين لم تعد تحرك فيهم ساكنا‏ًً ,‏ ولكنهم في نفس الوقت قد فُتنوا بالعلم ومعطياته فتنة كبيرة ‏,‏ فإذا أشرنا إلى سبق للقرآن الكريم في الاشارة إلى عدد من حقائق الكون قبل أن يصل الانسان إلى شيء منها بعشرات المئات من السنين ‏,‏ وهو الكتاب الذي أُنزل على نبي أمي ‏ـ‏ صلى الله عليه وسلم‏ ـ‏ في أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين‏,‏ فإن ذلك سوف يحرك عقولهم وقلوبهم ‏,‏ وسوف يحضهم على الاطلاع في كتاب الله الذي ما أطلع عليه عاقل إلا ويشهد له أنه لا يمكن أن يكون كلام أحد غير الله الخالق ‏ـ سبحانه وتعالى‏  . وفي ذلك تحييد لحجم الكراهية الشديدة التي غرستها وسائل الإعلام الدولية للإسلام والمسلمين في قلوب الملايين‏,‏ ودعوة مستنيرة إلى دين الله، وما أحوجنا للدعوة لهذا الدين الخاتم في زمن التحدي بالعولمة الذي نعيشه ‏,‏ والذي يتهدد كافة شعوب الأرض بالذوبان في بوتقة الحضارة المادية الجارفة. ‏
ولا يمكن أن يصدنا عن ذلك دعوى أن عدداً من المفسرين السابقين الذين تعرضوا لتأويل بعض الآيات الكونية في كتاب قد تكلفوا في تحميل تلك الآيات من المعاني ما لا تحتمله، وذلك بسبب نقص في وفرة المعلومات العلمية أو جهل بها‏ ,‏ وذلك لما سبق وأن أوضحناه بأن التفسير لآي القرآن الكريم هو محاولة بشرية لحسن فهم دلالة تلك الآيات إن أصاب فيها المرء فله أجران‏ ,‏ وإن أخطأ فله أجر واحد‏ ,‏ والمعوّل في ذلك النية‏ ,‏ وإن الخطأ في التفسير لا ينال من جلال القرآن الكريم ‏,‏ ولكنه ينعكس على المفسر ‏,‏ خاصة وأن الذين فسروا باللغة أصابوا وأخطأوا، والذين فسروا بالتاريخ أصابوا وأخطأوا ، ولم ينل ذلك من قدسية القرآن الكريم ومكانته في قلوب وعقول المؤمنين شيئاً، أما اليوم وقد توافر للإنسان من المعرفة بحقائق الكون وسننه ما لم يتوافر لجيل من البشر من قبل‏ ,‏ فإن توظيف ذلك الكم من المعلومات من أجل حسن فهم دلالة الآية القرآنية ‏,‏ وإثبات سبقها التاريخي لكافة البشر، يعتبر ضرورة إسلامية لتثبيت إيمان المؤمنين‏ ,‏ ولدعوة الضالين من الكفار والمشركين، والذي سوف يسألنا ربنا ‏ـ‏ تبارك وتعالى‏ ـ‏ عن تبليغهم بهذا الدين ‏,‏ ودعوتهم إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ‏.‏
والأخطاء التي وقع فيها عدد من المفسرين الذين تعرضوا للآيات الكونية في كتاب الله‏ ,‏ أو تكلفهم في تحميل الآيات من المعاني ما لا تحمله‏ ,‏ في تعسف واضح‏ ,‏ وتكلف جلي‏ ,‏ يحملونه هم‏ ,‏ ولا تتحمله آيات الكتاب المبين ‏؛‏ لأن التأويل يبقى جهداً بشرياً منسوباً لمؤوِّله ‏,‏ بكل ما للبشر من نقص وبعد عن الكمال ‏,‏ وإذا كان عدد منهم قد جاوز الصواب في تأويله‏,‏ فإن أعداداً أوفر قد وفِّقت في ذلك أيما توفيق ‏.‏ ولم تكن أخطاء المفسرين محصورة في محاولات تأويل الإشارات الكونية فقط‏,‏ فهنالك عدد من كتب التفسير التي تمتليء بالاسرائيليات الموضوعة‏ ,‏ والعصبيات المذهبية الضيقة ‏,‏ وغير ذلك مما لا يقبله العقل القويم ‏,‏ والصحيح المنقول عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن أصحابه المكرمين والتابعين ‏,‏ ولا يرتضيه المنطق اللغوي السليم‏ ،‏ فالمعتزلة ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ قد حاولوا في تفاسيرهم إخضاع الآيات لمبادئهم في العدل والتوحيد ، وحرية الارادة ، والوعد والوعيد، وإنكار الرؤية وغيرها ‏,‏ وتعسفوا في ذلك أيما تعسف‏ .‏والشيعة ـ على اختلاف فرقهم ـ قد دفعتهم المغالاة في حب آل البيت إلى التطرف في تأويل الآيات القرآنية تأويلاً لا يحتمله ظاهر الآيات‏ ،‏ ولا السياق القرآني،‏ ولا القرائن المنطقية المختلفة ‏.‏ وكذلك المتصوفة والإشاريون ـ فهم على الرغم من تسليمهم بالمأثور من التفسير‏,‏ وقبولهم للمعنى الذي يدل عليه اللفظ العربي ـ يسمحون لأنفسهم باستنباط معان للآيات تخطر في أذهانهم عند التلاوة، وان لم تدل عليها الآيات القرآنية الكريمة بطريق من طرق الدلالات المعروفة في الاستعمال العربي للغة وطرائق التعبير فيها‏ .‏ أما المنحرفون من أتباع الفرق الباطنية وإفرازاتها القديمة والحديثة‏ ـ ‏كالقرامطة والبابية‏,‏ والبهائية‏,‏ والعلوية النصيرية‏,‏ والقاديانية الأحمدية‏,‏ والاسماعيلية‏,‏ والدرزية وغيرها‏ ـ‏ فتمتليء تفاسيرهم بالانحرافات التي تنطق بالتعسف والافتعال‏,‏ ومحاولات تطويع القرآن لمبادئهم المضللة في تكلف ملحوظ ‏.‏
فهل معنى ذلك أن يتوقف علم التفسير عند حدود جهود السابقين من المفسرين ؟ ، ويتوقف فهم الناس لكتاب الله الذي أنزل إليهم ليتدبروا آياته‏,‏ ويعيشوا في معانيه ‏,‏ ويتخذوا منها دستوراً كاملاً لحياتهم عند جهود قدامي المفسرين على فضلهم‏,‏ وفضل ما قدموه لخدمة فهم القرآن الكريم في حدود المعرفة المتاحة في أزمنتهم ؟ . بالقطع لا‏ ,‏ على الرغم من التسليم بأن هذه الانحرافات وأمثالها كانت من وراء الدعوة إلى الوقوف بالتفسير عند حدود المأثور‏,‏ فكتب التفسير على تباينها تحوي تراثاً فكرياً وتاريخياً لهذه الأمة لايمكن التضحية به‏,‏ حتى ولو كانت به بعض الأخطاء أو التجاوزات‏,‏ إلا إذا كان القصد الواضح هو التحريف ‏,‏ وهو أمر لايصعب على عاقل إدراكه ‏.‏
من كل ما سبق يتضح لنا أن حجج المضيقين في رفض تفسير الإشارات الكونية في كتاب الله على ضوء ما تجمع اليوم لدى الانسان من معارف بالكون وعلومه هي كلها حجج مردودة ‏,‏ فالكون صنعة الله‏ ,‏ والقرآن هو كلام خالق الكون وواضع نواميسه‏,‏ ولا يمكن أن يتعارض كلام الله الخالق مع الحقائق التي قد أودعها في خلقه‏ ,‏ إذا اتبع الناظر في كليهما المنهج السليم‏ ,‏ والمسلك الموضوعي الأمين‏,‏ فمن صفات الآيات الكونية في كتاب الله أنها صيغت صياغة معجزة، يفهم منها أهل كل عصر معنى من المعاني في كل أية من تلك الآيات الدالة على شيء من أشياء الكون، أو ظواهره، أو نشأته، أو إفنائه وإعادة خلقه‏ ,‏ وتظل تلك المعاني تتسع باتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لايعرف التضاد‏ ,‏ وهذا عندي من أعظم جوانب الإعجاز في كتاب الله‏ .‏ ومن هنا كانت ضرورة استمرارية النظر في تفسير تلك الآيات الكونية‏,‏ وضرورة مراجعة تراجمها إلى اللغات الأخري بطريقة دورية‏ .‏ أما آيات العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات فقد صيغت صياغة محكمة يفهم دلالتها كل مستمع إليها مهما قلت ثقافته أو زادت؛‏ لأن تلك الآيات تمثل ركائز الدين الذي هو صلب رسالة القرآن الكريم‏ .‏ وكذلك الآيات المتعلقة بصفات الله‏ ,‏ وبالآخرة وبالملائكة والجن وغير ذلك من الأمور الغيبية غيبة مطلقة، فلا يملك المسلم إلا الإيمان بها ‏,‏ والتسليم في فهمها لنص القرآن الكريم أو للمأثور من تفسير المصطفى‏ ـ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ـ‏ لأن الإنسان لايمكن له أن يصل إلى عالم الغيب المطلق إلا ببيان من الله الخالق‏ ؛ وذلك لأن قدرات عقل الإنسان المحدودة‏ ,‏ وحواسه المحدودة لايمكن لهما اجتياز حدود عوالم الغيوب المطلقة مهما أوتي الإنسان من أسباب الذكاء والفطنة‏ .‏ ومن هنا كان امتداح القرآن الكريم للذين يؤمنون بالغيب ‏.
موقف الموسعين ‏‏من التفسير العلمي :
ويرى أصحاب هذا الموقف أن الإشارات الكونية في القرآن الكريم قد قُصدت لذاتها ـ أي لدلالاتها العلمية المحددة‏ ـ‏ مع التسليم بوجوب استخلاص الحكمة والعبرة منها‏ ,‏ والوصول إلى الهداية عن طريقها . وانطلاقاً من ذلك فقد قام أصحاب هذا الموقف بتبويب آيات الكونيات في كتاب الله‏ ,‏ وتصنيفها حسب مختلف التصانيف المعروفة في مختلف مجالات العلوم البحتة والتطبيقية‏ ,‏ ثم اندفعوا في حماسهم لهذا الاتجاه إلى المناداة بأن القرآن الكريم يشتمل على جميع العلوم والمعارف ‏.‏
ولابد لحسن فهم تلك الإشارات الكونية في كتاب الله من تفسيرها على ضوء اصطلاحات تلك العلوم والمعارف ‏,‏ ثم زاد البعض بمحاولة إثبات أن جميع حقائق العلوم البحتة والتطبيقية التي استخلصها الانسان بالنظر في جنبات هذا الكون هي موجودة في القرآن الكريم استناداً إلى قوله تعالى‏ :‏ "مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ " ‏(‏الأنعام‏:‏ آية‏38)‏ . وقوله‏ :  " ....وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ "  (‏النحل‏:‏ آية‏89)‏ .
وهذا في رأينا موقف مبالغ فيه؛ لأن السياق القرآني في الايتين السابقتين لايتمشى مع ما وصلوا إليه من استنتاج ‏؛‏ لأنهما يركزان على رسالة القرآن الأساسية، وهي الدين بركائزه الأربع الأساسية ‏:‏ العقيدة ‏,‏ والعبادة ‏,‏ والأخلاق والمعاملات‏,‏ وهي القضايا التي لا يمكن للإنسان أن يضع فيها لنفسه ضوابط صحيحة ‏، وهي التي استوفاها القرآن استيفاءاً لايقبل إضافة‏,‏ أما قصص الأمم السابقة والإشارات إلى الكون ومكوناته فقد جاء القرآن الكريم بنماذج منها تشهد لله الخالق بطلاقة القدرة على الخلق وإفنائه وإعادته من جديد ‏.‏
وربما كان هذا الموقف وأمثاله من الإسباب الرئيسية التي أدت إلى تحفظ المتحفظين من الخوض في تفسير الآيات الكونية الواردة في كتاب الله على أساس من معطيات العلوم البحتة والتطبيقية‏ ,‏ أو التعرض لإظهار جوانب الإعجاز العلمي فيها ‏.‏
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad