الأربعاء، 26 يونيو 2013

هكذا سأعيش رمضان

 

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم


الصَّوم ليس عادة من العادات أو أمرًا رأيت النَّاس عليه فتابعتهم فيه، بل إنَّه عبادةٌ جليلةٌ رُتب عليها أعظم الثَّواب، وادَّخر الله لصاحبه أجره حين يلقاه في ساعةٍ يعرف عندها مقدار الحسنات، فلا تعجب من فرح المؤمن ببلوغه، ولا تستنكر فيه اجتهاد المجتهدين، فقد علموا قدر هذا الزَّمان، وأدركوا قيمة تلك الليالي والسَّاعات. ولمَّا كان الزَّمان عزيزًا أحببت وضع بعض مشاريع المتاجرين مع ربِّهم لأذكِّر بها نفسي وغيري، جعلتها مختصرةً بُغيت الفهم وحسن الضَّبط فمنها:

- جليسي كتاب ربِّي سأجعل جلَّ وقتي للتَّلاوة فهي الشِّفاء وطريق كسب رحمة المولى -عزَّ وجلَّ-، هل تعلم أنَّ الجزء (7000) حرف والحرف بعشر حسنات يعني (70000) حسنة في الجزء، والله يضاعف لمن يشاء تقرأه في أقل من نصف ساعةٍ وأنت في الزَّمان الفاضل الَّذي تتضاعف فيه الحسنات.

قلوبنا -يا إخوة- تحتاج للوقوف مع الآيات فاجعل لك تلاوةً للتَّدبُّر والتَّفكُّر بخطاب الله، حركِّه عند ورود صفات الباري -عزَّ وجلَّ- وعند ذكر الجنَّة والنَّار وعند كلِّ آيةٍ ففي هذا النَّجاة.

- (30 عمرة في بلدي) بجلوسك بعد صلاة الفجر في مسجدك ثمَّ صلاة ركعتين بعد شروق الشَّمس. كم فيه هذا الجلوس من خيراتٍ، وصالحاتٍ باقياتٍ، كم فيه من اتباع لهدي المصطفى -عليه الصَّلاة والسَّلام- فقد كان هديه الجلوس وذكر الله، وكم فيه من اغتنام لهذا الوقت النَّفيس. النَّهار طويلٌ فمدَّ الجلوس هنا فهو وقت فراغ في الغالب وبعده وقت متسع لأخذ راحتك وكفايتك من النَّوم.


- عادتي التَّبكير للصَّلاة كم كنت مقصرًا في هذا الشَّأن وقد جاءت السُّنَّة في التَّرغيب فيها حتَّى جعلها -عليه الصَّلاة والسَّلام- مما يتنافس عليه المتنافسون. تقدَّم للصَّلاة ففيه إدراك السُّنَّة القبليَّة والتَّنفل بالصَّلاة، وفيه إدراك الدُّعاء وترديد الآيات وهو سبيل لإدراك الخشوع في الصَّلاة.

- راحتي في التَّراويح كم تسعد محاريب المسلمين بسماع آيات الله، وكم يفرح المؤمنون وقد وقف النَّاس في صلاة التَّراويح، أعداد هائلة -أينك أنت عنهم- لاتفرط
«من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه» [متَّفقٌ عليه] سأختار إمامًا حسن الصَّوت، فالصوت الحسن يزيد القرآن حُسنًا، سأحرك قلبي مع كلِّ آيةٍ، سأسعى أن تكون هذه الصَّلاة سبيل للقدوم على الله {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَ‌بِّ لِتَرْ‌ضَىٰ} [طه: 84].

- ساعتان لن أفرط فيهما أولهما قبل إفطاري فهي ساعةٌ مباركةٌ بشرني عندها نبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- بأنَّها ساعة إجابةٍ، وأمَّا السَّاعة الثانية فهي ساعة السَّحر ففيها نزول ربِّنا -عزَّ وجلَّ- للسَّماء الدُّنيا يستعرض حاجات عباده فيغفر لهذا ويقضي حاجة هذا ويفرج همّ ذاك ويحقق مطالب أولئلك، فكيف لا أحرص عليهما وفيهما هذا الخير وذاك العطاء.

- جددت العهد مع رحمي وقرابتي بصلتهم وزيارتهم والإحسان إليهم بجميع أنواع الإحسان، فكم كنت مقصرًا معهم فجاء رمضان ليذكرني بهم، وحضر هذا الموسم لأتعاهدهم بجميع أنواع الإحسان.

- حجّة مع النَّبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- نعم سأكسب هذا الثَّواب وأفوز بهذا الأجر بأداء عمرة في رمضان ففي الحديث:
«فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي» [متَّفقٌ عليه]، تفكرت في أجرها وعظيم ثوابها فإذا هناك طوافٌ وسعيٌ وصلاةٌ هي بمئة ألف صلاة فعقدت أن لا أفرط فيها في كلِّ موسمٍ حتَّى ألقى الله.

- رمضان فرصتي للدَّعوة فالنّفوس فيه مقبلةٌ والأفئدة إلى ربِّها متوجهةٌ فلم يبق إلا همتي وستحيا هذه الأيام. كم نفعتَ كلمةٌ من مستمعٍ، وكم أحيتَ دلالةٌ من إنسانٍ، سأستخدم كلَّ تقنية لنشر الخير، وسأزور كلَّ مقصرٍ وأدله على الخير فإنَّ
«من دل على هدى فله أجر من تبعه» [رواه مسلم 1893].
- طهرت قلبي وهجرت الخصومات رمضان فرصة لإصلاح ما بيني وبين من عاديت ولو برسالة جوال أو اتصال والزيارة أكمل وأجمل سأفعل هذا لأنَّي لا أريد فقد حسناتي وأعلم يقينًا بأثر هذا الفعل على قلبي فهو سبب راحته والعيش الحياة الطَّيِّبة.

- وداعًا صحبة السُّوء فهي الَّتي أهلكتني ومنعتني فعل الخير، وداعًا لا رجعة فيه فأنا أريد رضا ربِّي، كم حاولت فعل الطَّاعة فثبطوني، وكم سعيت لأن أستقيم فمنعوني، فلذا قررت الابتعاد عنهم ولعلَّ رمضان بداية تطبيق هذا القرار.

- زماني عزيزٌ فلن أضيعه في التَّجوال هنا أوهناك فهي أيام معدودات سأجعلها كلها لله. لقد ضيعت رمضانات سابقة في البطالة وتضيع الوقت. كم كان يضحك عليَّ الشَّيطان، كم كان يخلق في نفسي الأعذار الواهية ليضيع عليَّ رمضان فأبقى متحسرًا في آخره، فلذا قررت أن أجعل شعاري -رمضان زمانٌ عزيزٌ فلاتضيعه- سأجعله في قلبي وفي كلِّ جهة أتجه إليها.

- سأصون جوارحي حتَّى لا تضيع حسانتي، ففي الحديث:
«من لم يدع قول الزُّور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه» [رواه البخاري]، فليست المسألة ترك طعام وشراب، بل إنَّ مقصود الصِّيام أعظم، يريد من صاحبه استصلاح النَّفس فلذا سأكون أنا هكذا.

- هجرتكم يا سراق زمان الطَّاعة وأعني بكم وسائل الإعلام الفاسدة المفسدة لقلوبنا، فكم ضيعت عليَّ من مواسمَ، وكم حرمتني من طاعاتٍ، فلذا سأعادي كلَّ منكرٍ فيها، وسأصرف وجهي عن كلِّ قبيحٍ.

- وداعًا للمعاصي فقد أضحيتُ أستحي من ربِّي، فكم أعصيه ويسترني، وكم أبارزه بها فيمهلني ولعلَّ رمضان يكون بداية العودة وزمان الأوبة لقد علمت أنَّها سببًا لحرماني من الطَّاعات، فكيف أرضى لنفسي بهذا الحرمان. وأخيرًا يا نفس قد ذهب زمان النَّوم وهذا زمان الإقبال ياربِّ فأعني وخذ بيدي لما يرضيك عنِّي.

- رسالةٌ جعلتها لنفسي ولكلِّ مطَّلعٍ من أخٍ كريمٍ وأختٍ كريمةٍ.

عادل عبدالعزيز المحلاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق